الإثنين 20 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

معضلة الـ"جراند أوتيل"

الأربعاء 14/أبريل/2021 - 03:12 م

بينما تابعت بانبهار روعة الموكب والاحتفال الخاص بنقل مومياوات ملوك وملكات مصر القديمة ولمست قوة مصر الناعمة المتمثلة في قدرتها على استغلال جميع أنواع الفنون الاستعراضية والغنائية والإذاعية والتي كانت بطلة كل هذه الفنون تقريباً هي المرأة المصرية، تابعت أيضاً بانبهار مقترح القانون الجديد للأحوال الشخصية ومدى قدرته على تسفيه وتشويه وضع ذات المرأة التي تكرمها الدولة، وتحظى بمكانة عظيمة في حضارتنا المصرية القديمة.

هذا التضاد في وضع المرأة ذكرني بالتضاد الذي شعرته عندما شاهدت مسلسل جراند أوتيل برمضان 2016، هذا العمل من تأليف تامر حبيب وإخراج محمد شاكر خضير وبطولة كوكبة من الفنانين الرائعين، وهو العمل الفني الذي تم تصنيفه كمسلسل رومانسي بالنسبة للبعض وجاذب للسياحة بالنسبة للبعض ومسلسل جريمة وإثارة وتشويق بالنسبة لآخرين، ولكن التضاد الذي رأيته هو أنه يحتوي من وجهة نظري على انعكاس لعدة جرائم اجتماعية وتشريعية وقانونية موجودة على أرض الواقع وتؤدي إلى جرائم فعلية نراها بشكل يومي تقريباً والتي لا يمكنني تخيل وجودها البشع جنباً إلى جنب مع جمال ما شهدته مصر من تطور فني سيؤدي بالضرورة إلى تطور حضاري (بدأ بالفعل بطرح فكرة تدريس الحضارة واللغة الهيروغليفية بالتعليم) بل وأن هناك من يدفع دفعًا لاستمرار هذه الجرائم رغبة في تشويه وطمس كل ما هو إنساني وعادل ورحيم في مصرنا..

كل معضلة رأيتها بهذا العمل الفني تؤدي إلى معضلات أخرى، وكل تلك المعضلات للأسف تؤدي إلى زيادة تدني وضع المرأة بمصر وبالتالي تدني وضع المجتمع والدولة المصرية بأكملها.

رغم عدم تعرض المسلسل لمعضلات التحرش الجنسي أو الاغتصاب (وهي الجرائم التي يتعرض لها أغلب نساء مصر وأيضاً يتعرض لها نسبة كبيرة من الأطفال فتياناً وفتيات) إلا أنه تعرض لمعضلة يعلمها الشعب المصري بأكمله، فالبعض يتعرض لها والبعض يسمع عنها من أصدقائه والبعض يراها بالأعمال الفنية، ورغم ذلك لم يصدر قانون يجرم تلك الانتهاكات الجنسية المتمثلة في الاستغلال الجنسي من الرئيس لمرؤوسيه  بأماكن العمل..

معضلة الاستغلال الجنسي بالعمل:

قد يرى البعض أنه ليس استغلالاً جنسياً، فكما رأينا بهذا المسلسل أن مدير الفندق لم يجبر الفتيات العاملات بالفندق على الصعود لغرفته ولم يجبرهن على خلع ملابسهن ولم يجبرهن على ممارسة العلاقة الحميمية معه، مما سيعتبره البعض علاقة رضائية بين طرفين ناضجين، إلا أن الواقع يخبرنا أنه في حالة رفض العلاقة مع من هو ذو سلطة سيتعرض الطرف الأضعف للاضطهاد والخصم من الراتب والإهانة وربما الفصل من العمل، بينما الموافقة والرضوخ لذي السلطة يعني زيادة بالأجر ومهام مهنية أقل وربما ترقي وظيفي أيضًا. 

لذا فموافقة الطرف الأضعف على العلاقة يضمن للضحية أولًا وقبل كل شئ الحماية من الاضطهاد والأذى ثم يضمن لها ثانياً الترقي المهني أو على الأقل جنيهات معدودة أكثر.

ومن زاوية أخرى نرى في الدول المتقدمة إنسانياً وقانونياً أنه يجب إخطار إدارة شؤون العاملين بالمؤسسة في حالة ارتباط أي أثنين من العاملين بذات المؤسسة وخاصة إذا كان أحدهما في منصب يعلو عن الأخر ويستوي الأمر في حالة علو منصب المرأة عن الرجل، فالكل سواسية أمام القانون الذي يضمن عدم استغلال أي طرف للآخر. 

إذا ما تم تطبيق هذا القانون بمصر سيضمن عدم الاستغلال الجنسي بالعمل الواقع خاصة على النساء لأنه سيضمن علانية العلاقة، وبالتالي ضمان الحقوق وضمان عدم الاضطهاد بالعمل في حال رفض أو فشل العلاقة وأيضاً يضمن عدم الترقي بلا كفاءة في حالة قبول العلاقة، مما يسبب خسارة للمؤسسة وظلمًا بيَنًا لموظف آخر أكثر كفاءة.

بسبب عدم علانية العلاقة ظهرت عدة معضلات جديدة:

معضلة الإجهاض:

عندما حملت إحدى العاملات وحاولت "إجهاض الحمل" لتجنب خسارتها لوظيفتها ولتجنب الفضيحة بمجتمع يرفض الاعتراف بالعلاقات خارج إطار الزواج لم تتمكن من ذلك لإرتفاع تكلفة تلك العملية، والتي يرتفع سعرها لأنها غير قانونية وتحدث بالخفاء.. والمعضلة هنا أن لا الدولة ولا المجتمع بأفراده يسمح للمرأة بالاختيار والتقرير إن كانت تريد ما "بأحشاءها هي" أم لا.. وكأن المجتمع والدولة يملكوا أجساد النساء أكثر من النساء أنفسهن.

معضلة الأبناء خارج إطار الزواج:

نتيجة للعلاقة خارج إطار الزواج والحمل وتعنت الدولة في السماح بالإجهاض تظهر معضلة الأم الوحيدة أو ظاهرة "أبناء الحرام" فالمجتمع يوصم الأم والطفل الذي لا ذنب له في عوار المجتمع وقوانينه التي تبيح هدر دم الأم بلا عواقب كبداية تحت مسمى قضايا الشرف والتي يخرج منها القاتل بأقل عقوبة أو بلا عقوبة على الإطلاق لمجرد ذكره لكلمة الشرف الملطخ وغسل العار، بينما يظل الطرف الثاني بالعلاقة غير مُلام ولا يتحمل أية عواقب لاستغلاله أو حتى علاقته الرضائية مع أنثى والذي في أغلب الحالات يتهرب وينكر نسب أبناءه من العلاقة حتى وإن أثبت العلم بتحليل ال DNA نسب أبنائه إليه.

وتكون الطامة الكبرى في حال كانت الأم متزوجة من رجل آخر، وهنا يتضح لنا عوار متسع باتساع سطوع الشمس عندما يقر القانون المصري استناداً إلى بعض تفسيرات الفقه الإسلامي بأن الولد للفراش! وحينها يتم نسب الطفل لشخص غير أبيه البيولوجي حتى وإن كان ناتجا عن اغتصاب وليس عن علاقة رضائية..

وهذا يأخذنا إلى معضلة الزواج الشرعي الذي يهين ويضر جميع الأطراف ولكن يقع الضرر الأكبر فيه على المرأة وبالتالي الأطفال.

معضلة الزواج الديني

كما رأينا بالمعضلة السابقة أن الفقه الإسلامي أقر بأن الولد للفراش، وهذا كما نعرف أمرًا قاتلاً بالنسبة للذكر الشرقي، أن يكون وارثه ليس من صلبه، بجانب أن هذا الفقه أيضاً ألزم الرجل بكل المصروفات المادية لكل شئ، ملزم حتى بتوفير أشخاص للقيام بخدمة التنظيف والطبخ لأنه شرعاً المرأة للوطء فقط.. هذا عن الظلم الواقع على الرجل أثناء الزواج، بجانب أنواع الضغوط والأعباء المادية الأخرى الواقعة عليه قبل وبعد الزواج.. كل هذه الأعباء مستقاه من نفس الشرع والفقه الذي أباح له تعدد الزوجات وأباح له أن يرث ضعف إخوته النساء وأباح له ضرب وحبس نساء أسرته..
كما ترى عزيزي الرجل التفسيرات الفقهية والقوانين المشرعة اعتمادًا عليها لم تنصفك كما تظن بل جعلتك مثقلا بالأعباء والواجبات التي قد تودي بك إلى التهلكة إذا لم تتشارك مشاركة فعلية مع المرأة الزوجة والشريكة.

وهذا لن يتم إلا عندما نتخلص من التشريعات التي مرت عشرات العقود على سنها ونتقبل أن الحياة حالياً مختلفة عن حياة البدو منذ 1400 عام، وأن الحياة الآن تعتمد على المشاركة ولا تسير إلا بها، وأن الزواج المدني حل مرضٍ لجميع الأطراف ومناسباً لظروف العصر وتطوراته.
أما بالنسبة للمرأة في الزواج المدني فهي ستضمن كونها لن تباع وتشترى تحت مسمى المهر وعقد الصداق، لن تعامل كطفلة بلهاء يجب أن يكون لها ولي قيم على حياتها وشؤونها من أصغرها لأكبرها، لن تهان بأن تكون زوجة سرية كمان أهينت الست سكينة بمسلسل جراند أوتيل هي وولدها، ولن تهان أية امرأة عندما تكتشف أن زوجها متزوج عليها امرأة أخرى لأنه ببساطة الزواج المدني لا يسمح بالتعدد.. 

ولن نقابل القصة الكوميدية المتعلقة بالطبيب المتزوج من امرأة وعاقد قرانه على أخرى وخاطب للثالثة ويواعد الرابعة (قصة حقيقية).

شراكة المال بين الزوجين

كم من زوجة صرخت بأنها باعت شبكتها وذهبها وقدمت كل ميراثها لمساندة زوجها الذي بمجرد أن يتغير وضعه الاجتماعي للأعلى درجة يلقيها خارج حياته دون تعويض عن ما دفعته من سنوات عمرها ومن مالها؟

وهو الانعكاس الذي قدمه هذا العمل الفني عندما نكتشف أن قسمت هانم (أنوشكا) هي المالك الحقيقي وصاحبة رأس المال المؤسس للجراند أوتيل، وهنا نعود مرة أخرى لمزايا الزواج المدني والذي من ضمن شروطه تقديم كشوف ذمة مالية لكلا الزوجين، وهنا كان سيكون نصيب أدهم بك زوجها وتركته بعد وفاته هو جزء من أرباح الفندق مناصفة بينه "كمدير أدار رأس المال بحرفية" وبين زوجته قسمت هانم "صاحبة رأس المال"، وفي تلك الحالة كانت تلك المعضلة ستُحل لأنه وببساطة سيأخذ كل ذي حق حقه، فتركة أدهم باشا ستكون أرباحه كمدير وفقط.. ولم تكن قسمت هانم صاحبة النسبة الأكبر من رأس المال ستشعر بالخديعة والهوان والخيانة ولم تكن ستشعر بأن زوجها سلب أموالها بجانب سلبه لحقها في تقرير المصير عندما جعلها زوجة ثانية دون علمها ودون قدرتها على إتخاذ أي رد فعل ولا حتى أن تطلق نفسها.

وهنا نكتشف إحدى معضلات الزواج الديني أيضاً وهو عدم قدرة المرأة على تطليق نفسها بكلمة واحدة كما هو مُصرح به للرجل، والأمر هنا ليس تنافسي كما قد ينظر لها بعض البلهاء، بل هو حق في تقرير المصير واختيار الحياة بحرية تامة.

 معضلة الطلاق والعصمة 

رأينا بالمسلسل كيف أن طلب نازلي للطلاق من مراد ورفضه لهذا الطلب هو صرخة مدوية ضد قوانين وتشريعات الطلاق الديني بمصر، فالمرأة في مصر لا يمكنها ببساطة أن تطلق نفسها حتى وإن كانت العصمة بيدها "ولا أن تزوج نفسها" فهي دائماً تحت رحمة ولي أمرها كأي طفل قاصر أو أي شخص بلا عقل، وولي الأمر عندما تكون المرأة متزوجة هو زوجها، فهو من له الولاية على الأبناء، وهو من يسمح لزوجته بالعمل إن سمح، وبالخروج من المنزل عامة حتى وإن كان أحد والديها على فراش الموت، وهو من يقرر إستمرار الحياة الزوجية من عدمها، فهو من يملك حق الطلاق، وعندما تعطف علينا رجال الدين وسمحوا بالخُلع والذي يسبب مهانة أكبر للمرأة لأنها تضطر له عندما تنتهي بها سُبل المعيشة مع الزوج فتضطر لشراء حريتها بأن تعفي الرجل من إلتزاماته المادية تجاهها، وهو ما استغله الرجال أسوأ إستغلال لضمان التهرب من تكاليف الطلاق التي أقرتها الشريعة ذاتها التي أباحت له التطليق دون مراجعة ومناقشة مع شركاءه بالحياة.

وهذا ما جناه المجتمع وما جنته الأسر المصرية من جراء تسليع المرأة وبيعها للرجال تحت مسمى المهر والشبكة وقائمة المنقولات.

 وهنا أعود مرة أخرى وأذكر الزواج المدني، والذي يبدأ عقده بتقارير ذمة مالية لكلا الطرفين، وحياة تشاركية بين طرفي العقد، وأختيار حقيقي من كل طرف للأخر، وباباً مفتوحاً لكلا الطرفين لفض الشراكة وحل العقد مع حفظ الحقوق عندما لا يجد أي منهما سبيل للتعايش، بل أن الزواج المدني وبالتالي الطلاق يبدأ وينتهي بجلسة مباشرة بين طرفي العقد للمواجهة وتقسيم المنقولات بشكل رضائي أو بشكل قانوني يعتمد على إثبات الحق بالأدلة وليس بكلام وتشريعات وقوانين محفوظة منذ عشرات السنين لا يهتم منفذيها سوى بالتطبيق الحرفي لكلمات لم يعد هذا عصرها بغض النظر عن الظلم الواقع على أحد الأطراف أحياناً كالزوجة وكل الأطراف "الزوج والزوجة والابناء" في أغلب الأحيان.

تعرض العمل الفني جراند أوتيل أيضاً لمعضلة الميراث وكيف أن جميع الجرائم بالعمل الفني والضغائن بالنفوس كان سببها هو أنصبة الورثة وهنا ننتقل إلى معضلة الميراث:

معضلة الميراث الأولى والجريمة الأولى بهذا العمل الفني ظهرت عندما علمت قسمت هانم أن لزوجها إبناً شرعياً سيرث من مالها "فهي صاحبة رأس المال كما ذكرنا من قبل" قدراً يساوي نصيب أبنتيها مجتمعتين من التركة ف" للذكر مثل حظ الأنثيين" وهو الأمر الذي قد يثير من الأحقاد والضغائن بين الأخوة الكثير لأن المجتمع الآن تعمل فيه المرأة وتكد مثلها مثل الرجل، وتشارك بالمنزل مادياً قدر إستطاعتها مثلما يفعل الرجل "بجانب المجهود المنزلي الذي لا تؤجر عليه ويؤخذ كأمر مُسلم به"، وفي النهاية نخبر المرأة المصرية أنها ملزمة من أخيها!! هذا ظلم للأخ بجانب كونه ظلم للمرأة، فهل يرضى الرجل بأن يقف حائراً بين أخوته البنات وبين أسرته وأبناءه لأنه قد ورث عشرة آلاف بدلاً من أن يرث خمسة مثل أخته!! هل يمكننا هنا إجباره شرعاً وقانوناً بأن يجهز إخوته الإناث ربات المنزل للزواج بما قد يصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات؟ أم بكل بساطة نؤهل الجميع إناثاً وذكوراً لسوق العمل ونترك الحرية للجميع في المشاركة بما يستطيع دون مظاهر زائفة؟ وحينها لن يكون هناك إجبار قانوني ملزم بالنفقة والمساندة إلا الإجبار العاطفي الناتج عن الحب والمودة والرحمة بين الأخوة والأخوات.

معضلة الميراث الثانية بهذا العمل الفني هي عندما تم إخفاء وجود أبن شرعي أصبح أبن الأخ شريكاً في التركة، (فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لابنتيه الثلثين ـ فرضا ـ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى ابنتي سعد بن الربيع الثلثين. والحديث رواه أحمد والترمذي وغيرهما. والباقي لأبناء الأخ الشقيق ـ تعصيبا ـ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.

وهنا نجد تلهف ابن الأخ "مراد بك" على السعي لإخفاء إثبات وجود إبن شرعي حتى يستطيع الدخول "تعصيباً" كشريك بالتركة، وسعي الأم "قسمت هانم" لإجبار إبنتها على الزواج من ابن عمها لضمان وجود التركة كاملة أمام أعينها وتحت إيديها، ففي النهاية ابن الأخ شريك بالجريمة الأولى "قتل أدهم بك".

وهنا أيضاً أتعجب من كلمة "التعصيب".. فهي لم تذكر بالقرآن بجانب عدم منطقية أن يعمل الوالدين طوال عمرهما لتأمين ميراث للأبناء وحينها نجد بعض التفسيرات التي تجعل أبناء أخوة المتوفي ذكر كان أو أنثى شركاء في التركة.. فهل يعمل الرجل ويكد طوال عمره حتى يرث أخيه وأبناء أخيه بجانب بناته فلذات كبده؟

معضلة الميراث الثالثة بهذا العمل الفني هي تشارك الزواجات في نفس النسبة من التركة، وهنا تتداخل معضلة التعدد مع معضلة الميراث، فكلما زاد عدد الزوجات كلما قل نصيبهن في التركة، وهنا نجد أنهن كزوجات عانين في حياة الزوج من الإهانة والخيانة وعانين بعد وفاته من قلة نصيبهن في التركة والذي يمكن إعتباره كتعويض عن تلك الحياة البائسة معه. وهنا أكرر بأن الزواج المدني لا يسمح بالتعدد وبالتالي لا ينتقص من كرامة المرأة ولا من حقها المادي في التركة سواء كانت شريكة عمل أثناء حياة المتوفي أو زوجة وشريكة حياة فقط للمتوفي دون شراكة عمل.

معضلة الميراث الرابعة والأخيرة بهذا العمل الفني تتداخل مع معضلة حرمانية التبنى والتي ظهرت عندما إدعت قسمت هانم وجود جنين بأحشاء إبنتها آمال "التي لن تتمكن من الإنجاب" لضمان الحصول على الأرث من شاكر بك (الجد لأب). وهو ما تسبب في فقدان الثقة بين آمال وزوجها عند اكتشافه لهذه اللعبة وأنهيار آمال نفسياً وعصبياً ومحاولتها الإنتحار.

وهنا نجد إنه في حالة السماح بالتبني الكامل للأطفال وعدم الطعن في أحقيتهم للميراث كالأبناء الطبيعيين البيولوجيين، حينها كان من الممكن تجاوز تلك الأزمة وعدم إضطرار أمال لتمثيل الحمل والكذب على زوجها، ولن يكون هناك داع لوجود سبب من الأسباب التي يتذرع بها البعض لإعطاء شرعية لتعدد الزوجات، ولن يكون هناك هذا العدد من دور الأيتام، ولن يكون هناك كل هذه الانتهاكات للأطفال بتلك الملاجئ، ولن تحرم إمرأة ولن يحرم رجل من إحساس الأمومة أو الأبوة لعدم قدرتهم على الإنجاب.

 في النهاية مازلنا نأمل أن يتم إعادة النظر بقوانين الأحوال الشخصية وقوانين الجنايات المتعلقة بقضايا الأسرة "كقضايا الشرف التي يذهب ضحيتها النساء والفتيات" بالإضافة والإلغاء والتعديل لتكون أكثر عدالة وأكثر إنسانية للوصل إلى المواطنة الحقيقية والتي ترى كل فئات الشعب كمواطنين متساويين بالحقوق والواجبات، فلا نعطي حقوقاً لمن لا يستحقها ولا نأخذ حقوقاً من مستحقيها كما يحدث مع المرأة من عدم قدرتها على تطليق نفسها وعدم حصولها على المساواة بالميراث، وعدم قدرتها على أن تكون سيدة قراراتها في تقرير المصير من زواج أو عدمه ومن استقلال مادي وعقلي وجسدي دون خوف من قتل أو ترهيب مجتمعي، وعدم حرمانها من حقها في المشاركة في الولاية على ابناءها، وقدرتها على السفر او الاستقلال سواء وحدها أو مع ابناءها.

في النهاية أقول أنه ليس من الحق ولا العدل ولا المنطق أن يكون نصف المجتمع حبيس العقل والحركة ويتم أستخدامه كواجهة إستعراضية في المناسبات بينما النصف الأخر متسلط لدرجة تجعله يظن نفسه إلهاً منزهاً مطلق القدرة ومطلق الحرية للبطش.

 

تابع مواقعنا