الخميس 16 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مخاض النَّص الأول.. سيد عبد الرازق يروي ذكريات أولى قصائده

سيد عبد الرازق
ثقافة
سيد عبد الرازق
الإثنين 18/أبريل/2022 - 08:01 م

تعد القصيدة الأولى هي المولود البكر للشاعر، فهي تخرج بعد تعثر ومحاولات شاقة لترجمة ما يجيش في النفس وما يتبع ذلك من كتابة مسودات وتمزيقها وشعور بالإخفاق لكتابة أبيات شعرية قويمة، وفي سلسلة مخاض القصيدة الأولى نتوقف مع الشعراء حول أول قصيدة كتبوها وظروف خروجها إلى النور.

يقول الشاعر سيد عبد الرازق في حديث لـ القاهرة 24: القصيدة الأولى هي تلك اللحظة التي لا تستطيع بعدها معادلة الضغط بين ما هو داخلي يدفعك بكل قوة لأن تنزف قصيدتك وبين كل ما هو محيط بك ويخيفك. 

وأوضح الشاعر في حديثه مستكملا كلامه: داخلك، أنت مقتنع أنك تستطيع أن تفعلها، أنك محشود بالقصائد التي حفظتها، وبالقاموس اللغوي الذي يمَكِّنك من أن تعكس ما يشتعل في صدرك وما يؤجج رأسك، أنك تمتلك شيئا من القدرة على مغازلة اللغة والصورة والموسيقى، أنك تستطيع – وإن كان ظاهريا – أن تواجه الناس بما تكتب، كلن في خارجك، أنت تتوجس خيفة من كل شيء، هل ستنجح أن تلفت نظر أحدهم وأذنه؟ كيف سيتلقاك أصدقاؤك بالتهنئة أم بالسخرية؟ ماذا سيكون انطباع والديك وإخوتك؟ هل هي نقلة جريئة أن تتخلص من جلد الإلقاء، إلى روح التأليف؟

ويتابع سيد عبد الرازق: في النهاية لن تستطيع إمساك العصا من المنتصف أكثر من هذا وستنهار مخاوفك ومقاومتك، وتكتب، ستكتب بسذاجة طفل، وعدم اكتراث مجنون، ولهفة عاشق، وغيرة امرأة، لكنك ستفتقد لحكمة الشيخ، ودقة مبضع الجراح، وستزفر كل ما لديك مرة واحدة، وكأنك تريد أن تضرب بجذورك في عمق الأوراق دفعة واحدة، لن يكون معك عندها سوى اندفاعك الشبقي، وبعض من موروثك القديم وما تراكم عبر سنوات من المطالعة والتخزين.

ويوضح سيد عبد الرازق: ستخرج بقصيدة قد تكون منضبطة وزنا ونحوا وصرفا وقافية، لكنك حين تعرضها على نفسك بعد قليل ستشعر كم كنت متسرعا ومفتونا، ثم ما تلبث أن ترى أن من انتقدك كان محقا، لكنك لا تنسى من رفضك أو أعرض عنك، لأنك تشعر في قرارة نفسك أنك تستحق أن يصغى إليك وأن تحتل حيزا في ذاكرة أحدهم.

مخاض سبقه إرهاصات كثيرة

ويستطرد سيد عبد الرازق:  هكذا تحديدا كانت قصيدتي الأولى، مخاض سبقه إرهاصات كثيرة، بعد حفظ ما تتيسر من القرآن، والحديث، والنشيد المدرسي، من حولك لاحظوا أنك تنطق العربية جيدا، لا تلحن كثيرا، فماذا لو أنك تتقدم إلى الإذاعة المدرسية، ولأنك أُعطيت شيئا من صوت جهوري ومخارج جيدة لا بأس من ضمك إلى فريق الإلقاء، ماذا عن اختيار القصيدة الأولى؟ يؤمنون أنك تستطيع حفظ ما أمكن من بردة المديح لصاحبها الإمام شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد البوصيري، ليكون أول ما يروي ظمأك الشعري قصيد المديح، ذاك الذي كنت تستمعه مع أبيك في الحضرة الصوفية وتكاد لا تمسك في ذاكرتك منه إلا القليل، يا برق قبل وصولنا لحميثرا، الحمد لرب قد سبقا، شربنا على ذكر الحبيب مدامة... إلى آخر ما وسعه عقلك الطفل، تشمر عن ساعديك وتكتب قصيدتك البكر في صفك الدراسي الرابع.

مرحلة المحاولات الجادة

ويواصل سيد عبد الرازق: الآن بعد أن كبرتَ توقن أنها ما كان فيها سوى تقليد ما كنت تعي وتعتبرها ليست مخاضا وإنما ربما إشارة بلوغ، ثم تأتي مرحلة المحاولات الجادة، بعد رصيد من القصائد التي مرت بك خلال مسابقات الإلقاء في الإعدادي والثانوي، لتمر بكل هؤلاء الذين على أكتافهم ُخُلِّد الشعر العربي، وتكتب قصيدتك الأولى، والتي أيضا لم تخلص من المثلث المعروف سلفا الدين – الوطن – الحب، لم تخلع بعد عباءة الوعظ والمباشرة، لم تخلص من الغنائية المفرطة، لكنها صادقة... صادقة حد النزف، وربما هذا ما يدفعك للاحتفاظ بها في دفاترك القديمة كلها، تثير تساؤلاتك حول الله، والإنسان، والمرأة، والوطن على صورته الأوسع والأشهى، لكنك ما زلت تفتقد مهارة الصائغ الذي يعرف كيف ينهي عمله باحترافية، تحملها بين يديك إلى كل من تصادفه، تنكر عليك حبالهم وعصيهم أنك تستطيع أن تأتي بمثل هذا في سنك تلك، يطالبك والدك بالاهتمام بدروسك، يشد على يديك معلموك ويرونك استثمارا جيدا، وينهاك آخرون عن تضييع الفرصة وأن تستثمرها وغدا ستفتح لك أبواب السماوات والأرضين، ويجلسونك على عرش وهمي ويعطونك سلطانا زائفا على القصيدة، لكن الجميل في الأمر أنك وحدك تصم أذنك عن كل هذا ولا تهتم سوى بقصيدتك، تعيد صياغتها مرات ثم تعيد نشرها ما استطعت، واثقا أنك ربما يوما تستطيع.

ويواصل عبد الرازق: الآن أنت أب يجب عليه أن يعتني بطفلته الأولى، مسئول أمام نفسك والآخرين عن تثبيت أقدامك والدفاع عن ابنتك ضد كل من ينسبها إلى غيرك أو يحاول النيل من جمالها، أنت مسئول عن الترويج لها، والبحث عن خاطبيها، هكذا شعورك الأول نحوها، ولكنه ليس الأخير حتما.

ويختتم عبد الرازق: الجميل في الأمر أنك وحدك من ذاق لذة التجربة، والآن أنت حر في أن تفتح نوافذك على العالم، وأن تنفث دخانك في وجهه.

من هو الشاعر سيد عبد الرازق

الشاعر سيد عبد الرازق من مواليد محافظة أسيوط وهو شاعر وكاتب مسرحي  حصل على الكثير من الجوائز منها: جائزة البردة في فئة الشعر الفصيح مرتين، كما حصل على جائزة الأمير عبد الله الفيصل العالمية في مجال الشعر المسرحي سنة 2020، وجائزة الشارقة للإبداع العربي في مجال المسرح سنة 2021.

تابع مواقعنا