الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

خالد قنديل يوقع كتابه حادث 4 فبراير بمعرض الكتاب: اعتمدت شهادة أحد كبار رجال الوفد

الدكتور خالد قنديل
سياسة
الدكتور خالد قنديل
الجمعة 27/يناير/2023 - 11:33 م

شهد الدكتور خالد قنديل نائب رئيس حزب الوفد، وعضو مجلس الشيوخ اليوم ندوة توقيع كتابه حادث 4 فبراير، في قاعة حفل التوقيع، وذلك في ثاني أيام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023، في دورته الـ 54.

خالد قنديل يوقع كتاب حادث 4 فبراير

وألقى الدكتور خالد قنديل كلمة جاءت كالتالي: أشكر حضوركم الكريم، في أول حفل توقيع لهذا الكتاب، الذي يتزامن مع انطلاق النسخة الجديدة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، ولعلها فرصة طيبة لأن نقلب معا بعض أوراق من تاريخنا المنسي علنا نضيء لعشاق التاريخ وللأجيال الجديدة ولو مجرد شمعة تضيء لهم الطريق، وسط ظلام دامس يحيط بنا من كل جانب، يدفع المرء إلى تذكر تلك الآية الكريمة التي تقول: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ.. ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.. إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا... وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ.


وأضاف خالد قنديل: والحقيقة أنه رغم مرور أكثر من ثمانية عقود، على هذا الحادث التاريخي الكبير، الذي جرت وقائعه في مصر، في الرابع من فبراير عام 1942، إلا أنه لا يزال يلقي بظلال كثيفة، على الحياة السياسية في البلاد بل أن الأمر لا يكون مغاليا إذا ما قال إنه يعد واحدًا من الأحداث الكبرى، التي شكلت خارطة التجربة الحزبية في مصر، على مدار عقود للدرجة التي لا تزال آثارها حاضرة حتى اليوم، رغم مرور أكثر من ثمانية عقود، وهي بحسابات التاريخ فترة زمنية ليست هينة.


وتابع: والحقيقة أيضا أنه رغم صدور العديد من الدراسات والكتب التاريخية، التي تحدثت عن تلك الواقعة، التي اتخذها كثير من خصوم حزب الوفد التاريخيين تكئة للهجوم على حزب الوفد، والتعريض بقياداته التاريخية، إلا أن هذه الدراسات ظلت تراوح مكانها ما بين تصفية الحسابات مع زعامة الوفد التاريخية من جانب، أو محاولة تبرئة ساحة الوفد من اتهامات بلغت في حدتها وعنفوانها حد اتهام قيادة تاريخية كبيرة مشهود لها بالنزاهة وطهارة اليد وحسن السمعة، بالعمالة للاحتلال الإنجليزي، وهو ما تجلى في تصوير الزعيم الكبير الراحل مصطفى النحاس باشا، في كثير من الكتابات التي أقل ما توصف بها أنها كانت غير محايدة على الإطلاق، وتفتقر للحكمة، في صورة المتحالف مع الإنجليز، والمتهاون في استقلال البلاد، وهو الاتهام الذي طال جميع رجالات حزب الوفد وقياداته التاريخية، بزعم أنهم سمحوا -طمعًا في السلطة والنفوذ- لدولة أجنبية بالتدخل في شئون البلاد الداخلية.

الدكتور خالد قنديل 

وأكمل: ما زلت أتذكر حتى اليوم ذلك الكاريكاتير الشهير للفنان الكبير الراحل رخا، الذي تصدر أحد أعداد مجلة الاثنين والدنيا، التي كانت تصدرها مؤسسة دار الهلال، وهو يصوّر النحاس باشا في مشهد كاريكاتيري، وهو يقف على ظهر دبابة بريطانية، ضمن عدد من الدبابات التي حاصرت القصر الملكي في ذلك اليوم العصيب، ولأن خصوم الوفد دائمًا ما يعتمدون على ضعف ذاكرة الجماهير، أو على أن نسبة منهم لا يميلون إلى قراءة التاريخ قراءة دقيقة ومنصفة، فقد حوّل هؤلاء هذا الحادث إلى قصة غامضة تشبه إلى حد كبير الأساطير الشعبية، التي يتغلب فيها الخيال دائمًا على الحقيقة. ولأن الحقائق دائما ما تتوه في غمرة التفاصيل، فقد قررت عندما تصديت إلى إعادة قراءة تلك الأحداث بصورة موضوعية ومنصفة أن أنقب كثيرًا في عشرات من الوثائق البريطانية التي وقعت تحت يدي، والتي تحدثت عن تلك الواقعة التي جرت، إلى جانب شهادات مدونة لعدد من قادة الوفد التاريخيين، الذين عاصروا تلك الأحداث، ومن أبرزهم القيادي الكبير الراحل فؤاد باشا سراج الدين، بل أنني اعتمدت في جزء كبير من هذا الكتاب على شهادة أحد كبار رجال الوفد التاريخيين، الذي انقلب في وقت لاحق على تلك الأحداث، وهو ذلك الكتاب الشهير بـ"الكتاب الأسود" للمرحوم مكرم عبيد، والذي يعتبره كثيرون من خصوم الوفد هو الكتاب العمدة، الذي يستندون عليه في الهجوم التاريخي على حزب الوفد.


وتابع الدكتور خالد قنديل: إن هذا الكتاب الذي بين أيديكم ليس أكثر من إعادة قراءة منصفة وموضوعية لهذا الحادث، بعد مرور ما يزيد على ثمانية عقود، وقد تصديت له على أن أمل أن يساعد ولو بجزء ضئيل -بعد مرور كل تلك الفترة- في الوصول إلى حقيقة ما حدث بالضبط، خصوصًا بعدما هدأت العواصف، وانشغل الكثير ممن دأبوا على مهاجمة الوفد والنيل من تاريخه بمعارك أخرى، ولعل ذلك يمثّل فرصة جيدة لإعادة قراءة ما جرى، حتى تعرف الأجيال الحالية والقادمة حقيقة ما حدث على وجه الدقة.

 لقد كان عام 1942 وما شهده من أحداث يمثل في حقيقة الأمر واحدًا من السنوات الفارقة في التاريخ الحديث، تلك التي لعبت دورًا كبيرًا في تغيير قواعد اللعبة السياسية والاستراتيجية، ليس في مصر فحسب، وإنما في العديد من دول العالم، وبخاصة تاريخ بريطانيا الحديث، تلك الإمبراطورية التي كانت قبل تلك الفترة بسنوات قليلة تسمى "الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس"، قبل أن تتحول إلى مجرد دولة أوربية محاصرة، بعدما احتلت ألمانيا مساحات شاسعة من أوروبا، بدءًا من البلدان المطلة على جبال الأورال وليس انتهاء بالبلدان المطلة على جبال البرانس، وهو الأمر الذي كان له دور خطير في تقليص نفوذ وقوة بريطانيا، لتتحول بالفعل إلى دولة محاصَرة، بعدما كانت أساطيلها تحكم البحار، لتجد نفسها بين عشية وضحاها، تحت حصار الغواصات الألمانية في العديد من بحار العالم، وفي نفس الوقت تحت ضغط القوات الألمانية في العديد من البلدان التي قامت باحتلالها ومن بينها مصر، التي كانت تتبع أخبار تقدم تلك القوات، وترى فيها الأمل في التخلص من هذا الاحتلال البغيض.
 

وأكمل: اقتربت القوات الألمانية من الحدود المصرية، بينما الثلاثينيات تلملم حقائبها من أجل الرحيل، فيما القوات الإنجليزية تترقب تقدم هذه القوات في حالة من الذعر، لم تكن تخفى على أحد، للدرجة التي دفعت بعض قياداتها في مصر إلى اعتماد خطة يائسة لوقف تقدم هذه القوات، إذا ما اقتربت من القاهرة تستند على فتح القناطر والسدود، لإغراق الدلتا لمنع تقدم القوات الألمانية، أو وصولها إلى قواعدها في منطقة قناة السويس، إذ كانت بريطانيا تشعر بقلق شديد من موقف مصر من الحرب العالمية الثانية، فرغم أن مصر أعلنت بالفعل في سبتمبر عام 1939 قطع علاقاتها نهائيًّا مع ألمانيا، إلا أن بريطانيا كانت ترى أن هذا الموقف وحده ليس كافيا حتى تأمن لموقف مصر، التي كان الشعور الشعبي فيها قد بلغ ذروته ضد الإنجليز، ورافضًا لدخول الحرب إلى جانب بريطانيا، وهو ما عبر عنه وقتها الشيخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر بقوله: لماذا ندخل الحرب مع بريطانيا، وليس لنا فيها ناقة ولا جمل؟. وكان حزب الوفد بقيادة زعيمه التاريخي مصطفى النحاس يعرف بحسه السياسي والوطني أن الشعب المصري يعارض الحرب إلى جانب بريطانيا، في وقت رأت فيه قوى سياسية أخرى، بعضها انشق عن الوفد، مثل الكتلة السعدية، بقيادة أحمد ماهر، والأحرار الدستوريين بقيادة محمد حسين هيكل، أن دخول مصر للحرب إلى جانب بريطانيا، من شأنه أن يدعم الجيش المصري بالسلاح، وموقف مصر السياسي المطالب بالاستقلال بعد انتهاء الحرب.
 

واستكمل: لم يكن موقف الملك فاروق حسبما تذهب كثير من الدراسات التاريخية الموثوقة بعيدًا عن الشعور الوطني العام، وهو الأمر الذي تأكدت منه المخابرات البريطانية بالفعل، عندما رصدت في نهايات الثلاثينيات تلك الرسالة التي حملها الملك فاروق لسفير مصر في طهران في تلك الفترة يوسف باشا ذو الفقار إلى السفير الألماني، وتضمنت على نحو واضح تعاطف الملك مع هتلر، وتمنياته له بانتصار ألمانيا في الحرب، إلى جانب رسالة أخرى بذات المعنى، سلمها أحمد ماهر إلى الوزير المفوض علي سري للخارجية لإيصالها إلى الجانب الألماني، في وقت كان القلق قد امتد فيه إلى موقف الجيش المصري بعد القبض على عزيز باشا المصري، ومعه حسين ذو الفقار صبري، وعبد المنعم عبد الرؤوف، عندما سقطت الطائرة التي كانوا ينوون الهروب بها للاتصال بالألمان. 

وكانت مخاوف بريطانيا قد بلغت مداها، عندما خرج طلبة جامعة القاهرة ذات صباح يهتفون بملء حناجرهم: تقدم يا رومل، في تعبير واضح عن مشاعر قطاعات واسعة من المصريين، الذين كانوا يعتقدون أن الجيش الألماني بقيادة روميل، سوف يخلصهم من الجيش البريطاني صاحب التاريخ الأسود في البلاد لأكثر من ستين عامًا، قمع فيها الحركة الوطنية، وعلق فيها المشانق لفلاحي دنشواي، وشلّ الدور المصري خارج الحدود، واستنزف خيرات البلاد، ليتحول الألمان إلى ما يشبه الأمل للمصريين في التخلص من خلالهم من الاحتلال الإنجليزي، فالألمان ببساطة هم أعداء بريطانيا، وأعداء أعدائي حتمًا سيكونون أصدقائي، فوضعت مظاهرات الطلبة الملك فاروق في حرج بالغ، فطلب من رئيس وزرائه حينذاك حسين سري أن يسيطر على تلك الفوضى، لكنّ سري فشل في السيطرة على المظاهرات، ولم يكن أمامه من حل سوى أن يتقدم باستقالته، ورغم أن الاتجاه العام كان يسير نحو تشكيل حكومة ائتلافية، إلا أن حقائق الأوضاع على الأرض كانت تقول إن الأفضل هو تعيين حكومة وفدية برئاسة النحاس باشا، استنادًا على شعبيته الجارفة التي كانت قادرة وحدها في السيطرة على الأمور، وهو ما صادف هوى كبيرًا في نفوس قيادات كبيرة في القوات الإنجليزية، فهدوء الأوضاع في مصر التي كانت تغلي بالغضب في تلك الفترة، من شأنه أن يمثل حماية كبيرة لظهورهم أثناء مواجهتهم لقوات رومل التي كانت تتقدم باتجاه مصر من ناحية الغرب.

 

الدكتور خالد قنديل 

 

 

 

حفل توقيع كتاب حادث 4 فبراير للدكتور خالد قنديل

وأضاف الدكتور خالد قنديل: لا يمكن لأي مشتغل بالتاريخ أن يقدم على تقييم واقعة تاريخية معينة دون قراءة متأنية للمقدمات التي سبقت حدوث تلك الواقعة، حتى يسهل له تمييز الوقائع ودوافعها وظروفها، بل والحكم عليها حكمًا محايدًا بظروف ذلك العصر، وقد كانت أحداث 4 فبراير في حقيقة الأمر هي النتيجة الحتمية لإرهاصات انتصار قوات المحور على قوات الحلفاء بزعامة بريطانيا في ليبيا، ووصول تلك القوات حتى حدود الإسكندرية مع بدايات عام 1942، ولما أقدم عليه الملك فاروق شخصيًّا من اتصالات سرية مع الحكومة الألمانية، وإقدامه على تغيير وزارة حسين سري باشا في ظرف بالغ الحساسية.


وقال قنديل: ربما لا يختلف كثيرون على أن مجيء حزب الوفد إلى الحكم بعد حادث 4 فبراير عام 1942، أثار كثيرًا من الغبار على موقف الوفد وزعيمه التاريخي مصطفى باشا النحاس، وهو ما ساعد في أوقات كثيرة، بعد استغلاله سياسيًّا، من قبل بعض القوى المناهضة للوفد، على تشويه سمعة الوفد وقيادته للحركة الوطنية، وهو ما يفرض علينا قبل أن نتعرض لتقييم هذا الحادث ومسؤولية الوفد فيه أن نشير إلى عدة ملاحظات نرى أنها حيوية ومهمة في تفسير ما جرى.
أولًا: الأعوام الأربعة التي سبقت هذا الحادث خلال الفترة من عام 1938 حتى عام 1942، تعاقبت عليها أربع حكومات، على النحو الذي تناولناه سابقًا لم تكن خالصة للشعب؛ إذ قام نظام الحكم فيها على أساس غير سليم.
ثانيًا: كان استبعاد حزب الوفد الذي يمثل الأغلبية الشعبية من الحكم وضعًا غير طبيعي؛ إذ كيف لحزب يحوز على محبة أغلبية الشعب المصري أن يتم اقصاؤه بهذه الصورة، لذلك فقد كان طبيعيًّا أن يتحرق شوقًا إلى العودة للحكم، رغبةً في إصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة.
ثالثًا: كان الإنجليز يميلون كثيرًا إلى وصول حزب الوفد إلى الحكم، وقد تجلى ذلك خلال الفترة التي تزامنت مع بدء الحرب العالمية الثانية، نظرًا للخبرة السياسية العريضة التي يتمتع بها الحزب، وقد تجلى ذلك في تصريحات اللورد هاليفكس عندما ألف حسن صبري وزارته عندها قال صراحة: وقد كان يسر الحكومة البريطانية لو كان في الإمكان اشتراك الوفد في الحكومة الجديدة. 
رابعًا: تجاهل القصر -عن عمد- رغبة بريطانيا، ولعب أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي دورًا مهمًّا في هذا التجاهل، وهو ما أثار غضب القوات البريطانية، لينتهي الأمر إلى هذا الحادث، في وقت كان ميزان الحرب فيه يميل لصالح قوات المحور، والحقيقة أن الوفد كان يوازن لاعتبارات الحرب العالمية بين قوات الحلفاء ممثلة في بريطانيا وبين قوات المحور، فنحن لا نستطيع أن نوافق على أنه كان صريحًا في عدائه لاتجاهات المحور، كما يرى بعض المؤرخين، أن معظم أفراد الشعب كان يميل ناحية المحور، وقد كان الوفد هو الممثل لتلك الأغلبية بلا جدال.

الدكتور خالد قنديل 

وذكر: قد يتساءل كثيرون اليوم وبعد مرور كل تلك الفترة عن الجدوى من إصدار مثل هذا الكتاب الوثيقة، ولهؤلاء أقول، ربما تكفي هنا شهادة الكاتب والمؤرخ البريطاني الشهير هيوم ماكليف في كتابه "آخر ملوك مص"، للرد على كثير من الأسئلة المعلقة، عندما روى ذلك المشهد المهيب لملك مصر، بعدما تلقى الإنذار البريطاني بضرورة أن يتولى حزب الوفد بزعامة مصطفى باشا النحاس تشكيل الحكومة، وقد سأل فاروق وقتها قادة جيشه في ذلك الوقت: كم من الوقت يمكن للقاهرة أن تصمد ضد البريطانيين؟ فأجابوا: ساعتين فقط يا جناب الملك إذ لم تكن بريطانيا بحاجة إلى طائرات لتنقل جنودها، أو أسلحة أو معدات لمواجهة الشعب الثائر الأعزل من السلاح، وجيشه المسلح ببنادق الحرب العالمية الأولى؟!.
وتابع: وربما تمثل تلك الشهادة مدخلًا لفهم حقيقة ما جرى، وهي أن مصطفى النحاس باشا عندما قبل تأليف الوزارة بأمر الملك في ذلك الوقت العصيب، قد أنقذ مصر من بين فكي كماشة الاحتلال، سواء الاحتلال الألماني أو الإنجليزي وأنقذ أيضًا عرش البلاد والديمقراطية والحريات بشكل عام، وجميعها أعمال بلا شك سوف تضاف إلى رصيد الزعيم مصطفى النحاس من تضحيات قدمها لوطنه، وهو ما تجلى فيما كتبته جريدة المصري بعد أربعة أيام فقط من الواقعة، عندما تصدرت افتتاحيتها كلمة تقول، إن النحاس باشا صان مصر وأنقذ كرامتها واستخلص سيادتها الذاتية، من محنة يعلم الله وحده ماذا كانت مغبَّتها، لو أن اللاعبين بالنار مضوا في لعبهم مستهترين. 


واختتم: أن هذا الحادث رغم أنه ما زال مثارًا للجدل بين الذين وجدوا أنه لم يكن أمام حزب الأغلبية إلا ما فعله، بل استحسنوا ذلك التصرف نظرًا للأوضاع الدولية والخطر المحوري على مصر، وما له من نتائج وخيمة في حال انتصاره، وبين الذين وجدوا فيه طعنة لمصر والمصريين تمثلت في إذلال الرمز الذي تجسد في الملك مما كانت أخطاؤه فإننا على أية حال يجب علينا قياس الأحداث والحكم عليها وفقًا لظروفها وتوقيت وقوعها، وقد كان الوفد في كل الأحوال صاحب مبدأ وتاريخ حافل من العمل الوطني، لا يمكن أن ينكره إلا جاهل أو حاقد. إن هذا الكتاب الذي بين أيديكم مجرد وثيقة من بين عشرات من الوثائق والدراسات التي صدرت على مدار سنوات، من أجل إجلاء الحقيقة للأجيال القادمة، وأرجو من الله أن أكون قد وفقت في ذلك.
 

تابع مواقعنا