تحية كاريوكا تنقل الأسلحة وكوكب الشرق تطوف لجمع التبرعات.. مواقف لنجوم الزمن الجميل لمساندة الجيش وقت الحروب |تقرير
كل منا يدعم الوطن بطريقته، فهناك من يستطيع أن ينزل إلى ميدان المعركة، ويضحي بحياته من أجل الوطن، وهناك من يتبرع بالأموال لدعم ومساندة الجيش وقت الحرب، وهناك أيضًا من يهب موهبته لجمع تبرعات، تساند الجيش وقت الحروب، وهناك من يقدم عملًا فنيًا لتجسيد الواقع، يحث فيه الدول الخارجية على ضرورة مساعدة الدولة في أزمتها.. كلها جهود تُحترم ونابعة من الانتماء والحب من الأبناء لوطنهم الغالي، الذي يضحون بأرواحهم من أجله، لكن كل من هؤلاء يعبر عن حبه ووطنيته بما لديه من قدرة.
وتزامنًا مع حرب غزة، التي بدأت منذ 7 أكتوبر المنقضي، وأطلق عليها طوفان الأقصى.. نستعرض لكم في السطور التالية، مجموعة من أبرز النجوم، الذين لهم مواقف لا تُنسى لدعم وطنهم وقت الحروب، هذا بجانب الحملات والمبادرات التي أطلقها الفنانون لدعم الجيش المصري في محنته:
ـ قطار الرحمة
انطلق بعد حرب 1948، بدعوى من الرئيس الراحل محمد نجيب، وجاءت فكرته بأن يعبر القطار بجميع المدن المصرية، وصولًا لغزة، ليجمع التبرعات إما العينية أو المالية، وفي كل محطة يجتمعون نجوم الفن لتشجيع الجمهور على التبرعات، واستمر هذا القطار لسنوات، وشارك فيه أهم وأبرز النجوم، الذين يمتلكون شعبية كبيرة، منهم: زهرة العلا، زينات صدقي، زوزو ماضي، ماري منيب، شكوكو، كمال الشناوي، عماد حمدي، أمينة رزق، وآخرون.
ـ أم كلثوم
ها هي أم كلثوم.. كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي، التي قررت التبرع لإعمار مدارس بورسعيد، عام 1956، حيث تبرعت بمبلغ مالي قُدر بـ 1000 جنيه، وهو ما كان يُعادل وقتها نحو نصف مليون جنيه، ولم تتوقف كوكب الشرق عند هذا الحد، بل رفعت شعار الفن من أجل مجهود الحرب، وحينها قالت كوكب الشرق في تصريحات صحفية لها: لن يغفل لي جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة.
جهود نجوم الفن وقت الحروب
وهنا قررت سيدة الغناء العربي، أن تهب صوتها لدعم الجيش، مستغلةً بذلك شعبيتها الساحقة على المستوى المحلي والعالمي، فأعلنت تقديمها حفلين كل شهر، وخصصت إيراداتهما لتسليح الجيش، في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وبدأ قطار الخير الذي قادته أم كلثوم، بحفل في محافظة دمنهور، هذا الحفل الذي جمعت فيه نحو 40 ألف جنيه، تلاه حفل في إسكندرية الذي حقق 100 ألف جنيه، ثم حفل المنصورة الذي حقق 120 ألف جنيه، ثم جاء حفلها في الكويت الذي حقق 100 ألف دينار كويتي، أما على الجانب العالمي فتبرعت كوكب الشرق بإيرادات حفلها في باريس الذي وصل لـ 212 ألف جنيه إسترليني، هذا بجانب التبرعات العينية من الذهب والمصوغات الخاصة بها، التي كانت تتعدى آلاف الجنيهات وقتها.
ولم تقف كوكب الشرق عند هذا الحد، بل قررت أن تتصدر المشهد، وتطلق حملة لجمع التبرعات من المشاهير، وبدأت تطوف على مكاتبهم الخاصة وتجمع منهم التبرعات بنفسها.
ـ عبد الحليم حافظ
وتبرع العندليب الأسمر بعد النكسة بأجر جميع حفلاته، وذلك لصالح الجيش المصري؛ لدعمه ومساندة جيش وطنه في وقت الحرب، ولم يكتفِ بذلك بل قدم العديد من الأغاني التي تبث روح الأمل والتفاؤل والحماس، في روح الجنود وأيضًا روح الشعب المصري، الذي كان فاقدًا للأمل وقتها، منها أغنية عدى النهار، التي كانت من كلمات الخال عبد الرحمن الأبنودي، ولحنها بليغ حمدي، ثم قدم بعدها أغنية اضرب، إنذار وبالدم، وبركان الغضب، راية العرب، وكتبها الأبنودي ولحنها كمال الطويل، حيث شكل العندليب والأبنودي وكمال الطويل ثلاثي قدم أهم الأغاني الوطنية في التاريخ، ولم يقتصر العندليب عند تقديم هذه الأغاني، بل قدم أغنية فدائي، التي كتبها محمد حمزة، ولحنها بليغ حمدي.
ـ أسبوع التسلح
سنة 1955 دشن الفنانون أسبوعًا للتسلح، وقادت هذه المبادرة الفنانة تحية كاريوكا، التي شاركت في تجهيزات العشرات من سيارات النقل، التي بها صناديق التبرع، وكانت تطوف بها في القرى والمدن، ويقف على كل سيارة فنان، لتشجيع الشعب على التبرع للجيش، ومن أبرز النجوم الذين شاركوا في أسبوع التسلح كانت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وملك الترسو فريد شوقي.
أما تحية كاريوكا فجمعت حصيلة الإيرادات ومنحتها للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي قال لها: أنتِ سيدة بألف راجل، ولم ينتهِ دور تحية كاريوكا عند جمع التبرعات بل كانت تنقل الأسلحة بسيارتها الخاصة للفدائيين عام 1948، وتعرض حياتها للخطر، لكن لم تخشَ أن يصيبها رصاص العدو، بل ما كانت تخشاه هو أن يهزم الوطن.
ورغم كل الجهود التي بذلها نجوم الزمن الجميل، وقت العدوان الثلاثي سنة 1956، وأيضًا وقت النكسة سنة 1967، إلا أن قطار الخير مازال قائمًا، وما زال العديد من نجوم الفن، يتبرعون لمساندة أشقائنا بـ قطاع غزة، الذين دمرهم الاحتلال الإسرائيلي، بعد طوفان الأقصى، حيث دُمرت منازلهم، وشُتت جمعهم، وفقدوا الآلاف من الضحايا والأبرياء والعزّل، لكن رغم المعاناة ما زالوا يقاومون ويلحقون هزيمة بالعدو من حين لآخر.
وجدير بالذكر، أن هناك مئات من النجوم المصريين، تبرعوا لقطاع غزة، منهم من تبرع بالأموال، كـ عمرو دياب، ومنهم من أعلن تبرعه بجولاته الفنية بالخارج من أجل أهالي غزة، مثل الفنان محمد رمضان، وأيضًا الفنان محمد ثروت، الذي وهب إيرادات حفلاته المقبلة بمصر لـ أهل غزة، ليثبت بذلك أنه رغم مرور عشرات السنوات إلا أن أهل الفن لهم دور في الحروب، سواء بالتبرع بالأموال، أو من خلال نشر روح الحماس والتفاؤل بأعمالهم؛ لمساندة الشعب على التغلب على الهزيمة وأن النصر آتٍ لا محال.
