الخميس 23 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

هل تبحث إسرائيل عن مخرج؟

السبت 23/ديسمبر/2023 - 02:52 م

على مدار فترة تقترب من الثلاثة أشهر حشدت إسرائيل كل قوتها، وحصلت بالإضافة لذلك على دعم أمريكي وغربي لا محدود، سواء كان عسكريا أو معنويا أو سياسيا بتوفير حماية وغطاء لأبشع جرائم حرب وقعت في عصرنا الحالي. 

والتي ربما فاقت في وحشيتها ما يمكن أن تصنعه حيوانات مفترسة في غابة لا بقاء فيها إلا للأقوى، فهي تدمر بطائراتها ومدفعيتها كل شيء على أرض غزة من بشر وحجر وشجر بشكل تاتاري همجي لم يكن يتخيل أحد حدوثه في عصر الحداثة والتقدم المزعوم، والذي كشفت أحداث غزة عن وجهه القبيح، وانهارت كل شعاراته الكاذبة تحت أقدام أطفالها ونسائها الذين يقتلون بلا ذنب كل ثانية بمنتهى البشاعة. 


بل أن هناك قرابة 2 مليون إنسان لا يستطع كل العالم إدخال شربة ماء لهم إلا بإذن الكيان الصهيوني المحتل، وذلك عار سوف يسجله التاريخ الذي لن يرحم كل من كان يحمل مسئولية في هذه المرحلة البائسة وتخاذل. 


وعلى الرغم من كل هذا فإن العدو الإسرائيلي لم يحرز نصرا عسكريا واحدا بالمقاييس الصحيحة  في غزة، وذلك نكتشفه بكل سهولة عندما نعرف ما هي الأسباب المعلنة لهذه الحرب، وأيضا لأن قتل المدنيين وحرمان الجرحى من العلاج، ومنع الغذاء وتعمد التجويع لم تكن يوما انتصارات وإنما هي جرائم جرب مكتملة الأركان.

نسمع ليل نهار على لسان كافة المسئولين الإسرائيليين عن أن أهداف هذه الحرب هو القضاء نهائيا على حركة حماس سياسيا وعسكريا وإعادة الأسرى الموجودين لديها. 

وهنا نجد أن الهدف الثاني يعكس سذاجة كبيرة لدى من فكر فيه، كون القضاء على حماس حتما سيقضي على ما لديها من أسرى عسكريين ومدنيين، وذلك رأيناه في عملية فاشلة لتحرير أسير تم فيها قتله ومعه عدد من القوة التي ذهبت لتحريره، وعلى مدى كل هذه الأيام نجد أن المقاومة لا تنقص قوتها وقدرتها على التحكم في المعركة. 
 

بل على العكس تماما نرى أنها تزداد في ضرباتها الموجعة للعدو، سواء بالصواريخ التي تطلقها على كل مكان في الأرض المحتلة بما فيها تل أبيب، ذلك بالإضافة إلى تدمير الآليات والمعدات الخاصة بالقوات الإسرائيلية كل يوم، كما أن أعداد القتلى والمصابين من الجنود والضباط في تزايد مستمر وتوثقه المقاومة بالصوت والصورة. 


بينما عندما تعرض الفيديوهات التي يبثها الجيش الإسرائيلي لا نشاهد إلا جنوده كأنهم يتديرون ويطلقون النار في الهواء، دون وجود أثر لمقاتلي القسام أو باقي الفصائل مما يجعلها مشاهد كوميدية مثيرة للسخرية، رغم أننا نرى وجوه جنود إسرائيل نفسها تظهر واضحة في الفيديوهات التي تصورها المقاومة أثناء تنفيذ عمليات هجومية ضد جنود ومعدات الاحتلال من المسافة صفر مما يظهر بشكل واضح من هو المتحكم في المعركة على الأرض. 

كل ذلك جعلنا نسمع تصريحات واضحة على ألسنة المسئولين الإسرائيليين يتحدثون خلالها عن استعدادهم لقبول هدنة تتضمن صفقة تبادل أسرى حيث أن احتجاجات ذويهم تتصاعد طلبا لتحريرهم وإعادتهم أحياء بأي ثمن، خاصة بعد مقتل عدد منهم حتى جراء القصف الإسرائيلي الذي لا يتوقف، وما زاد الطين بلة هو الإعلان عن مقتل ثلاثة أسرى بنيران الجنود الإسرائيليين بطريق الخطأ، مما أظهر حالة التخبط الكبير بل والرعب الذي تعيشه تلك القوات داخل غزةـ، وفي المقابل قالت المقاومة بوضوح أنها تشترط وقف كامل لإطلاق النار وخروج قوات الاحتلال من القطاع وإنهاء الحصار وإخراج كافة الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال. 


وبما أننا تعودنا على الكذب الدائم للكيان المحتل وتضارب التصريحات، وعدم دقتها فإننا استمعنا للمتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي خلال مؤتمر صحفي واحد، يتوعد ويهيد ويتحدث عن جاهزيتهم للاستمرار في الحرب حتى تحقيق أهدافها على حد قوله، وفي نفس الوقت أشار إلى إمكانية إنهائها عندما قال إذا طلب منا المستوى السياسي وقف الحرب فإننا سنوقفها. 

هي حالة من التخبط داخل هذا الكيان الذي تكبد خسائر لم يكن يتخيلها يوما على يد المقاومة، سواء في العتاد والأفراد، أو اقتصاديا حيث هناك قطاعات عدة تضررت بشكل كبير، إضافة إلى أن حالة التعبئة تضر بالإنتاج حيث يترك الآلاف أعمالهم ويذهبون للتجنيد الاحتياطي.

كما أن ما صنعه الحوثيون في اليمن، وشل حركة الملاحة الإسرائيلية قطعا له أثره، بالإضافة إلى رفض ماليزيا رسو سفن دولة الاحتلال في موائها مؤخرا يسير إلى حالة العزلة الدولية التي بدأت تعيشها إسرائيل وأمريكا والكشف عن زيف شعاراتهم حول القيم الإنسانية. 


عندما ننظر إلى ذلك كله ندرك بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل الآن عالقة تماما في مستنقع غزة، وتبحث عن مخرج يحفظ لها ماء وجهها، ولا يمنح المقاومة انتصارا، وذلك ملف تديره الآن الولايات المتحدة الأمريكية التي هي الراعي الرسمي لإسرائيل وقائد هذا الإجرام الحقيقي، ولكن كل المؤشرات والمعطيات ورغم التدمير الهائل وغير المسبوق لقطاع غزة تقول بأن إسرائيل لم ولن تخرج من هذه الحرب إلا مهزومة وضعيفة ومتصدعة داخليا.

تابع مواقعنا