الأحد 01 يونيو 2025
المشرف العام
محمود المملوك
المشرف العام
محمود المملوك
رئيس التحرير
مروان قراعة

بسمة السليمان: اخترت مصر لأن الفنان المصري يرسم الذاكرة.. والفن هوية لا تُشترى | حوار

بسمة السليمان
بسمة السليمان

سيدة الفن السعودي تتحدث عن الطفولة والهوية والرسالة.. وتكشف كيف أصبح “Basmoca” أول متحف افتراضي يعبر عن الإنسان العربي في عالم رقمي.

في المشهد الفني السعودي والعربي، يبرز اسم بسمة السليمان كواحدة من أبرز النساء اللاتي أعدن صياغة العلاقة بين الفن، المجتمع، والهوية.. لم تكن مقتنية أعمال فنية فحسب، بل صاحبة مشروع ثقافي ورؤية شاملة؛ جسرا بين الأجيال وحلقة وصل بين الشرق والغرب، تنطلق من عمق الهوية السعودية والعربية، وتنفتح على العالم.

من تأسيسها لأول متحف افتراضي للفن المعاصر عالميًا (BASMOCA) إلى تطوير منصة ثقافية على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن دعمها للفنانين السعوديين والعرب، إلى التزامها بتمكين المرأة في الفنون، تتعدد مسارات بسمة السليمان، لكنها تلتقي جميعًا في شغف نادر، وحضور ثقافي فاعل، وقناعة راسخة بأن الفن هو أداة لإعادة تشكيل الوعي

“Basmoca” أول متحف افتراضي يعبر عن الإنسان العربي في عالم رقمي
“Basmoca” أول متحف افتراضي يعبر عن الإنسان العربي في عالم رقمي

في هذا الحوار مع القاهرة 24، تفتح لنا بسمة السليمان قلبها لتتحدث عن البدايات، والرسالة، والأمومة، ولماذا كانت مصر هي وجهتها الأولى حين قررت أن تمنح مشروعها امتدادًا عربيًا حيًا.

“الفن ليس ترفًا.. بل جزء من تشكيل الوعي والهوية”

-هل تتذكرين أول لحظة شعرتِ فيها بأن الفن سيكون جزءًا لا يتجزأ من حياتك؟

نعم، وأتذكرها بتفاصيلها رغم مرور السنوات كنت في الثامنة من عمري عندما زرت مع والدتي معرضًا للفنانة السعودية الرائدة صفية بنت زقر في جدة.. وقفت أمام لوحة لفتاة بدوية تقف أمام خيمة، وشعرت بشيء لا يمكن وصفه بالكلمات.. طلبت من والدتي أن أشتري اللوحة، وعلقتها بجانب سريري لم يكن اقتناءً فنيًا بقدر ما كان علاقة حميمية بدأت بيني وبين العمل الفني هذه التجربة علمتني منذ سن صغيرة أن الفن ليس رفاهية، بل جزء من تشكيل الوعي والهوية.

“من التذوق إلى الدراسة.. ومن الدراسة إلى الالتزام”

-كيف تطور هذا الشغف؟ ومتى أصبح قرارًا بأن يكون لك دور فاعل في المجال؟

شغفي تطور مع نضوجي الشخصي فدرست الأدب الإنجليزي في جامعة الملك عبد العزيز، وانفتحت على ثقافات متعددة.. كنت أتنقل بين لندن وباريس ونيويورك، أزور معارض كبرى وألتقي بفنانين ونقاد وبدأت أتعمق أكثر، وتحولت العلاقة من التذوق إلى الدراسة، ثم إلى الالتزام الثقافي ولم أعد أكتفي بالاقتناء، بل بدأت أتساءل: ماذا يمكن أن أضيف؟ كيف أخلق حوارًا بين الفن السعودي والعالم؟ ومن هنا وُلدت فكرة المتحف.

“Basmoca: متحف بلا جدران”

- لماذا اخترتِ النموذج الافتراضي في تأسيس المتحف؟

السبب الرئيسي كان الرغبة في الوصول، شعرت أن من الظلم أن تبقى هذه الأعمال حبيسة الجدران.. كنت أبحث عن وسيلة ديمقراطية، مرنة، لا مركزية الإنترنت سمح لنا بأن يكون المتحف متاحًا للجميع دون تذاكر أو حواجز المتحف هو امتداد لي، ولرغبتي في بناء ذاكرة بصرية عربية معاصرة.

“لا أقتني ما يعجبني فقط.. بل ما يحاورني”

-كيف تختارين الأعمال التي تشكل مجموعتك الفنية؟

أعتمد على ثلاثة أبعاد: الجودة الفنية، الرسالة، والتجربة لا أختار فقط الأعمال الجميلة بصريًا، بل أسأل: ماذا يقول هذا العمل؟ هل يحاورني؟ هل يعبّر عن زمنه؟

مجموعتي تضم فنانين عرب وعالميين: من جيرهارد ريختر وآندي وارهول إلى أحمد ماطر وشادية فعالم التنوع ضروري لأن العالم لا يتحدث بلغة واحدة.

“الفن الرقمي لغة الجيل الجديد.. والتقنية لا تناقض الروح”

-ما رأيك بالفن الرقمي والتفاعلي؟

الفن الرقمي امتداد طبيعي لتطور أدوات التعبير.. لا أرى تعارضًا بين التقنية والروح، بل العكس فالشباب اليوم يعيشون واقعًا افتراضيًا، يجب أن يجدوا لغة فنية تعبّر عن هذا الواقع.

في BASMOCAأنشأنا بيئة ثلاثية الأبعاد لخلق تجربة “زيارة افتراضية” وكأنك تتجول فعلًا لم يكن حلاً تقنيًا فقط، بل موقفًا فلسفيًا بأن الفن يجب أن يكون متاحًا للجميع.

 

“الفن السعودي يمر بثورة هادئة.. لكن عميقة”

-كيف تقيّمين تطور الفن السعودي؟

ما يحدث اليوم في السعودية هو ثورة ثقافية هادئة لكنها عميقة كان الفن موجودًا سابقًا، لكن دون تسليط كافٍ.. الآن هناك مؤسسات، برامج تعليمية، منح، ومعارض والتحدي الأكبر هو الحفاظ على الأصالة وسط الانفتاح العالمي فالفن السعودي يجب أن يبقى متجذرًا في ثقافته، ومتصلًا بالعالم في الوقت ذاته.

 

“الفنانة العربية اليوم تروي قصتها وتعيد تعريف الفن”

-ما مدى حضور المرأة في المشهد الفني العربي؟

المرأة العربية كانت حاضرة تاريخيًا، لكنها لم تكن دائمًا في مركز الضوء.. اليوم، هناك تغيير حقيقي فالنساء يقدن المشهد، ويطرحن أسئلة وجودية ومجتمعية في مجموعتي، أحرص على اقتناء أعمال لفنانات عربيات وسعوديات لأنني أؤمن أن المرأة لا تساهم فقط في الفن.. بل تعيد تعريفه.

 

“واجهت تحديات، لكنها لم تعرقلني.. بل حفزتني”

-هل واجهتِ تحديات كامرأة سعودية في هذا المجال؟

نعم، لكنني لا أراها عوائق، بل محفزات ففي البداية، لم يكن من السهل أن يُنظر للمرأة السعودية كمقتنية أو صاحبة مشروع ثقافي بهذا الحجم لكنني كنت مؤمنة، وتحملت المسؤولية.

الآن أرى الجيل الجديد من الشابات يتقدمن بثقة، وهذا يسعدني كثيرًا.

“السعادة؟ أن تفعلي ما تحبين.. دون أن تفرّطي فيما يهمك”

 

ما مفهومك الشخصي للسعادة؟

السعادة هي التصالح مع الذات أن تفعلي ما تحبين دون أن تفرّطي فيما يهمك.. هي لحظة التقاء بين الداخل والخارج.

السعادة بالنسبة لي ليست في اقتناء الأشياء، بل في مشاركتها فحين يؤثر عمل فني في شاب أو شابة، أو تُلهمهم منصتنا، أشعر أنني بلغت شيئًا من السعادة الحقيقية.

 

“من مصر بدأت الرحلة.. لأنها قلب الفن العربي”

لماذا كانت مصر أولى محطات “بسموكا”؟

لم يكن اختيار مصر مجرد قرار جغرافي، بل تقدير لمكانتها الفنية والثقافية العريقة.. مصر كانت ولا تزال منارة الفنون في العالم العربي.

وجودنا على أرض الكنانة يعكس إيماننا بأن دعم الفنانين المصريين ليس فقط تكريمًا للإرث.. بل استثمار في المستقبل.. الفنان المصري لا يُبدع فقط، بل يرسم الذاكرة الجمعية بأدواته، ويجعل من كل عمل بصمة لا تُنسى.

 

“إلى المغرب.. نكمل الحكاية”

س: ما محطتكم القادمة بعد مصر؟

بعد نجاح النسخة الأولى من مسابقة “بسموكا” في مصر، يسعدنا الإعلان أن المغرب ستكون محطتنا التالية.

الفن المغربي فريد بطبيعته، يجمع بين التراث الأمازيغي، العربي، الأندلسي، والإفريقي فالفنانون هناك لا يرسمون فقط، بل يحكون قصصًا عن الهوية والانتماء بلغة بصرية لا مثيل لها.

 

“مشاريع قادمة: تعليم الأطفال وتنظيم معارض متنقلة”

ما أبرز مشاريعك القادمة؟

نعمل على تطوير نسخة أكثر تفاعلية من “Basmoca”، كما نحضّر برنامجًا تعليميًا فنيًا للأطفال، وأتمنى إطلاق معارض متنقلة في المدن العربية تضم مختارات من مجموعتي.

رسالتي دائمًا: بناء الجسور بين العمل والمتلقى، بين الفكرة والهوية، بين التراث والمستقبل.

 

“Basmoca” أول متحف افتراضي
“Basmoca” أول متحف افتراضي
“Basmoca” أول متحف افتراضي
“Basmoca” أول متحف افتراضي
“Basmoca” أول متحف افتراضي
“Basmoca” أول متحف افتراضي